هناك نموذجان اليوم مطروحان في هوليود للممثلة التي تجاوزت عتبة الخمسين: معسكر ميريل ستريب ومعها جوليا روبرتس وكيت بلانشيت، ومعسكر نيكول كيدمان. الأول يلائم أدوراه مع المرحلة العمرية، بينما نيكول تريد أن تظل دوما الأميرة والسندريلا.. كيت بلانشيت لا تمانع أن تكون زوجة الأب الشريرة، وهذا كان محور لقائنا في الشتاء الماضي في برلين.
“لو كانت القصة عرضت على نيكول كيدمان لكانت اختارت القيام بدور ساندريلا، ولم ترض بأقل من ذلك!»، هذه هي الدعابة التي ترددت على ألسنة بعض النقاد في أروقة مهرجان برلين السينمائي الدولي، في دورة فبراير العام 2015، التي عرض فيها فيلم “ساندريلا” لأول مرة، ساخرين من قبول النجمة الاسترالية نيكول كيدمان لعب دور شخصية تصغرها بحوالي عقدين في فيلم «أميرة الصحراء»، الذي عرض في الدورة ذاتها من المهرجان، في الوقت الذي يقارنون فيه هذا التصرف، مع شجاعة وواقعية ابنة جلدتها النجمة كيت بلانشيت، في فيلم «ساندريلا» الذي يعرض في المهرجان، لا تقوم بدور الفتاة اللطيفة الصغيرة الجميلة، وإنما دور زوجة الأب الشريرة، ذات الشخصية ذات الأبعاد الدرامية المعقدة.
لكن بلانشيت، التي رشحت لست جوائز أوسكار ونالتها عن دورها في فيلم «ياسمين أزرق» لوودي آلن، لم تنقصها الشجاعة يوما في اختيار أدوارها، مؤكدة أنه لا يوجد شر مطلق، كما أنها منحازة لحكايات الأطفال الموضوعية، غير المنحازة لإملاءات ذكورية.
تصف كيت بلانشيت علاقة المشاهد بتلك الشخصيات الخالدة مثل ساندريلا، بأنها علاقة متجددة، وفيها أسئلة مختلفة في كل مرة. وتقول: الجمهور يعرف قصة ساندريلا جيدا، وهو يعرف قصة هاملت جيدا. لكنه لن يتوقف عن مشاهدة هاملت، لأنه يفكر أن الانتاج الجديد الضخم، قد يحمل شيئا جديدا: ربما يقتل هاملت كلوديوس هذه المرة.
تماما مثل ساندريلا سيفاجأ الجمهور بمشاهد كثيرة مختلفة، وسيصدقها لأنها تحتمل الكثير من الدقة، في السحر، وفي التسلية، وفي التراجيديا. هذه المرة ساندريلا من لحم ودم، وليست شخصية كرتونية يتفاعل معها الجمهور، ويتسلى، شاعرا بمسافة بينه وبينها. سيشعر الجمهور بأنه يشاهد قصة ساندريلا للمرة الأولى.
وتعتبر بلانشيت أن ما حركها لقبول هذا الدور سببان رئيسيان، أولهما أنها تعشق قصص الأطفال، لكنها تعتبرها قصصا تعطي صورة غير واقعية للصغار عن الحياة، وتقدمها كأنها زاهية الألوان. وتقول: كثير من القصص تصور الأبطال الذين يتغلبون على كل شيء، ويجعلون العالم مكاناً مثالياً. أما قصة ساندريلا فمختلفة، اذ تعلمنا أن العالم قد يكون مكانا للشر، وأنه يتوجب علينا أن نكافح بإرادة وحلم من أجل التغلب على هذا الشر. إنها قصة تعلمنا أن اللطافة والمحبة تحتاج إلى قدرات غير عادية، وأنها ليست بديهية أو تحصيل حاصل في هذه الدنيا، وهو الأمر الذي تحدثت فيه لأول مرة مع مخرج الفيلم وجذبني للغاية.
أما العامل الثاني الذي دفع النجمة الملقبة بجميلة هوليود ذات الشعر الأحمر، فهو أنها مستاءة من كون غالبية قصص الأبطال التي تروى للصغار، ذكورية: «أنا أم لثلاثة صبيان، واحتاج أن يعرفوا أن هناك قصصاً، مثل ساندريلا، أبطالها نساء».
وهذه ليست المرة الأولى التي تتحمس فيها بلانشيت الى لعب دور لها سمات شريرة، لكن دور زوجة الأب في قصة ساندريلا جسد على مدى أجيال معاني اللاعدالة والقسوة والخبث. وتقول: «ليس هناك إنسان شيطاني بالمعنى الكامل، ولا ملائكي أيضا. هناك دوما دوافع ومؤثرات عظيمة تجعلنا نبين عن أحد الوجهين.
حين حدثني المخرج أنه لا يغرب بأن يقدم زوجة الأب بأنها مثال الشر المطلق، كما تعلمنا ونحن صغار، وأن دورها في الفيلم يتوغل في سيكولوجيتها ويحاول أن يجيب عن تساؤل: لماذا نكون أشراراً في بعض الأحيان».
الأختان
ولكن، لا ساندريلا من دون زوجة أب ولا زوجة أب من دون ساندريلا، إذ يصعب تخيل شخصية من دون الأخرى، ولا تكتمل الحكاية.من هنا تدلي بلانشيت برأيها حول أداء ليلي جيمس لشخصية ساندريلا: «إنها روح طيبة للغاية وأعتقد أنها رائعة في هذا الدور. أستطيع أن أصفها بشيء طازج، كأنها نسمة هواء طازجة ولم يتم تلويثها بعد. ولديها طريقة تمثيل تلقائية وانسيابية ومتدفقة نادرة جدية، ولا يعوزها الدقة أو العمق أيضاً».


