
على مسافة كيلومترات قليلة، باتجاه “طريق دمشق”، تتصاعد من “مسرح بيريت” في “جامعة القديس يوسف” نغمات بيانو هذه المرة، في ليلة افتتاح أخرى، لمهرجان ثالث:” بيروت للأفلام الفنية” الذي يرفع شعار “الإنسانية” أولا، جنبا الى جنب مع شعاراته الثابتة طوال العقد الماضي: ايصال السينما الى تلامذة المدارس في كل لبنان، التخصص بعرض الأفلام التي تتمحور حول جماليات الفنون التقليدية والمعاصرة، احياء التراث الفني اللبناني وحشد الباحثين والمريدين حوله، “كونه قادرا على توحيد اللبنانيين أكثر من أي شيء آخر”، كما تصف لـ” سينما غازيت” أليس مغبغب، مؤسسة المهرجان ومديرته، وأخيرا تسليط الضوء على دور المرأة بوصفها “تجسيد للطبيعة الأم القادرة على انتشالنا من داء تدمير أنفسنا”، حسب ما تشرح
نريد احياء التراث الفني اللبناني وحشد الباحثين والمريدين حوله، “كونه قادرا على توحيد اللبنانيين أكثر من أي شيء آخر
هكذا تحضر المرأة بقوة في اختيارات الشخصيات المكرمة في كل دورة، وأحدثها الفنانة سينتيا زافين، وهي رسّامة وموسيقية وفنانة صوتية، “يتمحور عملها حول الروابط بين الصوت والذاكرة والهوية حيث تتلاقى الموسيقى والسينما والفنون البصرية والأدائية”، وكذلك وفي المعرض الاستعادي للبنانية الأميركية، الشاعرة والرسامة الراحلة، إيتيل عدنان، وتحضر في “ضع روحك على يدك وامشِ” (سبيدي فارسي، 2025) قصة الصحافية الفلسطينية فاطمة حسونة التي استُشهدت خلال حرب غزّة، الحاضرة أيضا في طاولة مستديرة وتوقيع كتاب. بينما يحضر الرجال في أفلام مؤثرة وحديثة يعرض بعضها لأول مرة في لبنان. ففي “توراندوت” (ماكسيم ديرفيانكو، 2025) استعراض لتجربة الفنان الصيني الشهير آي ويوي، المعروف في مجال النحت والعمارة، في دخوله الى عالم الاوبرا من بوابة الاخراج، لـ”توراندوت” بوتشيني، ويرتحل راقص الهيب هوب والأداء المعاصر الفرنسي مراد مرزوقي الى أرمينيا من أجل تسليط الضوء على مئوية المخرج السوفياتي الأرمني سيرجي باراجانوف (1924-1990) فيستلهم من فيلمه الشهير ” لون الرمان”، أداء مسرحيا راقصا يسجله في وثائقي جديد يحمل الاسم ذاته. وفي “غبار للغبار” (كوساي سكيني، 2024) نتابع رحلة مصمم الازياء الياباني يوويما ناكازاتو الى باريس لعرض أزياء يكشف من خلاله عن الوجه القبيح لصناعة الازياء السريعة واستغلال العمالة في دول افريقية مثل كينيا لتزخيم ارباح تجارة شركات الموضة الاوروبية والاميركية.

فاطمة حسونة تعود للحياة من خلال وثائقي عن سيرتها واستشهادها في غزة يعرض في بيروت للافلام الفنية 

سينتيا زافين 
من العروضات 
أليس مغبغب
وتحصي مغبغب في الدورة الحالية للمهرجان مضاعفة في عدد الشباب من الحضور، مقارنة بالسنوات الماضية، حيث ” نجول في أفلامنا على امتداد الاراضي اللبنانية، بعد انقضاء اول أسبوعين في العاصمة، ونصل الى 25 مركز عرض مختلف، بينما تستقطب مبادرتنا (معا في التراث) في الحد الادنى 2500 مشاركا، ونتوجه عبر نسخة المهرجان الخاصة بالتلامذة الى 6500 منهم يتوزعون على 164 مدرسة شريكة”.